رُدَّهَا عَلَيَّ ان اسْتَطَعْت ~ !
قَبْلَ عَامَيْن ~ أَتَيْتَني تَحْمِل فِي يَدِك هَديَّة ~ وَتَحَّدثْتَ إليَّ وَأنْتَ تَبتَسِم ~ وَفي يَدِكَ صَك بِرَصِيد مَفْتُوح ~ تَطْلُب قَصْرنَا ذُو الغُرفَتين ~ أَخْبَرْتَنِي بِأَنَّكَ تَملِكُ كُلَّ شَيء هُنا ~ وَأنَّني الخَاسِرُ دَوْمَاً ~ وَالآن تَعْرِضُ عَليَّ فُرصَةَ العُمرِ ~ كَمَا سَمَّيْتَهَا ~ أَخْبَرتُكَ أنَّنِي أَمْلِكُ قَصْرَاً فِي القُدسِ لَا تَكْفِيهِ أمْوال الدُّنيا مُجْتَمِعَة ~
وَ بَعْدَ يَوْمَيْن أتَيتَنِي وأنْتَ تَمْلِكُ هَدْمَ مَنْزِلي ~ تُجْبِرُنِي وَتُهَدِّدنِي بِدَفْعِ تَكَالِيفَ هَدمِ مَنْزِلي ~ فَأُسَارِعُ لِهَدْمهِ بِيَدي ~ أَتَعْلَم ؟ حَرَمْتُ أَطفَالِي لِأَجْمَعَ ثَمَنَ حَجَرٍ يَأْوينِينَا مِن بَرْد أنْفَاسِكَ ~ وَطَوَيتُ سِنِينَ عِجَافِ مِن عُمرِي ~ لِأبْنيَ قَصْراً مِن طِينٍ فِيهِ غُرْفَتَينِ ~ أَنَرتُهُ بِسِرَاجٍ مِن العَهْدِ الأُمَويّ ~ وَالمِدْفَأةُ جَعَلْتُهَا بِطّانيَة فِيهَا سِتَّ عَشرَةَ رُقْعَة ~ أَمَّا أَطْفَالِي فَرَسَمُوا عَلى قُصَاصَاتِ الوَرَق شَمْسٌ تُشرقُ وَعُشْبٌ أَخْضَر ~ وَبَيْتُ تَحْتَضِنهُ الزُّهور ~ وَعلَّقُوهَا فِي زَوَايَا غُرفَتِهِم ~
الآَنَ أَرَى تِلْكَ القُصَاصَاتِ تَحتَ الرُّكَام ~ وَأَطْفَالِي يَتَوَسلُون أَنْ لَا أهْدمَ قَصْرَ الأَحلام ~ كَمَا يُسَمُونَه ~
فَهَل تَحتَمِل هَذا ؟~
والآن ~ يَكْفِيني فِي القُدسِ قَبرٌ فَارِغ ~ أخبِّئُ فِيه أطْفَالِي ~
اسْتَغْرَقَ الأَمرُ سَاعَة لِأَحْفِرَ قَبْرَاً فِي أَرْضِ بَيْتِنَا المَهْدُوم ~ نَأوِي إلَيْهِ فِي الشِّتَاء ~
وَبِجِوَارِهِ نَصَبتُ خَيْمَةً نَأوِي إِلَيْهَا فِي الصَّيْفِ ~
وَجِئتَنَا بَعْدَ عَامٍ وَمَعَكَ قَرارٌ بِمُصَادَرَةِ أَرْضِنَا لِصَالِحِ الدَّولَةِ لِإنْشَاءِ حَدائِقَ تَوْرَاتيَّة ~ لِلمُسْتَوْطَنَةِ المُجَاوِرَة ~!
وَمَرَّ المًسْتَوْطِنُونَ عَلينَا يَسُبُّونَ مُحَمَّداُ النَّبِيّ ~ وَقُواتُكَ بَدَاَت تَحْمِلُ أطْفَالِي وَتُهَدِّدُني بِحرْمَانِي مِنْهُم ~ وصُراخُهم ~ بَابا بَابا ~ يَملأُ المَكان ~ وعُيُون عَدسَاتِ الصَّحافَة تَبُثُّ المَشْهَدَ لِكُلِّ العالَم ~
وَلكِن حَتَّى لَا تَظلِمَنِي ~ عَرَضْتَ عَليَّ وَرَقَة فِيهَا تَعْويض ~ مِنَ حُكُومَتِكَ الديموقرَاطِيَّة ~
أَخَذْتُ الوَرَقَة ~ وَضَعْتُهَا فِي جَيبِي ~ وحَمَلْتُ أطْفَالِي ~ وَسِرنَا حَتَّى وصَلْنَا إلى جَبَلٍ يُشْرِفُ عَلى القُدسِ ~ جَلَسْتُ علَى صَخْرَة هُنَاك ~ وَأطْفَالِي بِجِوارِي يَمْسَحُونَ بَقَايَا دُمُوعِهِم ~
بَصَمتٍ ~ أَخْرَجتُ الوَرَقَةَ مِن جَيبِي ~ مَزَّقْتُ الوَرَقَة ~ إلَى اثْنَتانِ وعَشرينَ قِطْعَة ~ ونَثَرتُهَا ~ عِنْدمَا هَبَّت رِيحٌ غَربيَّة ~ لِتَحْمِلَهَا إلى اثْنَتانِ وعَشرينَ دَوْلَة عَربيَّة ~!
لَقَد وَصَلَ فُتَاتُ الوَرَقَة ~ وَلَم يَصِلَنِي مِنْهُم شَيئاً ~ وَلَكِنِّي بَقِيتُ أنتَظر ~!
وَذَاتَ يَوْم ~ مَرَّ عَليْنَا مِنْ هَدمَ بَيتَنا وَصَادَرَ أرْضَنا وابتَسَم لِي مُسْتِهْزِءاً وَقال:
أَتَرى ~ لَقَد انْتَصرت عَليْك ~!
فَقُلتُ لَه:
يَبدو أنَّنِي لَن أُعِيدَ بِنَاءَ بَيْتِي وَلَنْ أسْتَرِدَّ أَرْضِي فَهَذا يَوْمُك ~ إِنَّمَا أنَا عَنيدٌ فِي طَلَبِ حَقِّي ~ فَفِي يَوْمِي ~ لَنْ تَكفِيني رُوحك ! ~
اضافة تعليق